العنوان: هيئة حقوق الإنسان: الأمُ الرؤوم
الكاتب: عبدالعزيز بن عثمان الفالح
تؤكدُ هيئة حقوق الإنسان في رسالتها أنها تسعى لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها في جميع المجالات وفقًا للمعايير الدولية، ونشر الوعي بها، والإسهام في تطبيقها في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية وذلك وفقًا للمادة السادسة والعشرين من النظام الأساسي للحكم (تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية)، ولذا انبرت في حماية الطفلة المعنفة من أبيها (دارين). فمنذُ اللحظة الأولى من تعنيفها نشرت هيئة حقوق الإنسان تغريدتها مُعنوَنةً "مُعذب الطفلة لن يفلت من العقاب"، أكدت فيها متابعتها لما تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي لمقطع فيديو يظهر فيه شخص يُعذب طفلةً رضيعة، وبيّنت الهيئة أنها اتخذت الإجراءات النظامية كافة بالتنسيق مع وزارة الداخلية، ممثلةً في الأمن العام لضبط الفاعل واستكمال الإجراءات النظامية بحق الفاعل وحفظ حقوق هذه الطفلة. وشددت الهيئة أن ما ظهر خلال المقاطع المتداولة فعلٌ مُحرم ومُجرّم وفق أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية، وأكدت على أن الفاعل لا يمكن أن يفلت من العقوبة الجزائية الرادعة.
ولم تغب شمس يوم الأربعاء الموافق 13-4-1438هـ إلا والطفلة المعنفة بين يدي محمد الثقفي رئيس وحدة الحماية بمكة المكرمة، ومنى الأحمدي مشرفة القسم النسائي بوحدة الحماية بمكة المكرمة. وفي اليوم التالي يتحقق وعيدُ هيئة حقوق الإنسان بعدم إفلات الفاعل من العقاب وذلك بسجن والدها، ذلك أن الأنظمة المرعية في المملكة العربية السعودية سنّت عقوبة ضد المعُنِفين سواءٌ جسديًا أو نفسيًا، وذلك من خلال نظام حماية الطفل الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/14 حيثُ يهدفُ النظام لحماية الطفل من كل أشكال الإيذاء والإهمال ومظاهرهما التي قد يتعرض لها في البيئة المحيطة به (المنزل أو المدرسة أو الحي أو الأماكن العامة أو دور الرعاية والتربية أو الأسرة البديلة أو المؤسسات الحكومية والأهلية أو ما في حكمها) سواءٌ وقع ذلك من شخص له ولاية على الطفل أو سلطة أو مسؤولية أو له به علاقة بأي شكلٍ كان أو من غيره. وعليه تم تخصيص مركز بلاغات للطفل بوحدة الحماية الاجتماعية التابعة لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية متكفلاً باستقبال البلاغات على الخطين الساخنين 1919 و 1616 من مناطق المملكة كافة عن حالات الإيذاء. فانتصار هيئة حقوق الإنسان للطفلة (دارين) يشيرُ بكل دلالة على أن هيئة حقوق الإنسان تسير وفق نهج الحديثُ الشريف ( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال: رجل يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره ). فحينما توصي الهيئة وتتابع معاقبة الفاعل سواء كان والداً أو أخاً أو قريباً فإنما تمنعه عن ممارسة الظلم وإن كان هذا الظلم على طفلةٍ فهو أدهى وأمر، فهيئة حقوق الإنسان وفق تنظيمها الصادر في 8-8-1426هـ ووفقًا للفقرة السابعة من المادة الخامسة (تلقي الشكاوي المتعلقة بحقوق الإنسان والتحقق من صحتها، واتخاذ الإجراءات النظامية في شأنها)، وهذا ما تم بالفعل حيث جاء في تغريدتها المؤرخة 11-1-2017م، والتي ثمّنت فيها عاليًا جهود وزارة الداخلية ممثلة بالأمن العام والتي أثمرت بسرعة إيقاف معنف الطفلة الرضيعة، شاكرةً وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في الوصول للطفلة المعنفة وتوفير الحماية والرعاية اللازمتين لها. ولتبق هيئة حقوق الإنسان الأم الرؤوم للظالمِ والمظلوم، تمنع الظالم عن ظلمه وتحمي المظلوم عن مظلمته.
*عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان
